Monday, February 25, 2008

الحلم

" ضرورى اراك يومها .... هذة هى الدعوة "
تذكرت هذة الكلمات التى قالتها لها صديقتها المقربة الى قلبها و اناملها تداعب دعوة الفرح الخاصة بصديقتها و تنظر بشوق الى الكلمات المسطرة باحرف ذهبية لحروف اسم صديقتها و زوجها ..و هى تقلب فى الدعوة و يخالجها احساس غريب لا تستطيع ان تتحملة

كانت تجلس فى حجرتها الصغيرة المضيئة بضوء خافت نابع من كشاف صغير يتوسط الحجرة ، فاعطى الضوء دفئا جميلا للحجرة تمازج مع اثاث الغرفة المنمقة فاعطى احساسا بلوحة فنية جميلة كانت هى الفنان الذى رسمها و ابدع فيها باناملها الرقيقة و حسها المرهف و رومانسيتها الحالمة .
كانت دائما تحب ان تختلى بنفسها تتمدد فوق سريرها الصغير لتفكر فى الامور التى تشغل بالها و كانت تشعر بسعادة و هى تصادق نفسها فى حجرتها الصغيرة تشكو نفسها لنفسها و تفكر فى امور تشغل بالها ، و لكن اليوم كان الشعور غريب مختلف ، لم تتملكها السعادة كما كانت تاتيها دائما ، و لم تشعر بالراحة كما كانت تفعل فى القلب.

و فى غفلة منها هربت دمعة صغيرة من جفنها لتتساقط على وجنتيها و تعانق خديها الوردى ، فازحتها بيديها الصغيرتين و رفعت راسها لتنظر الدعوة مرة اخرى ثم اجهشت فى البكاء . بكت .. و كانها لم تبكى من قبل . بكل معانى البكاء بكت , تساقطت الدموع من عينيها كقطرات امطار فى ليل شتاء حزين تتساقط على قارعة الطريق فينتفض الطريق و ينتفض جسدها ، حتى هى تعجبت من نفسها ..يااة احقا انا بهذا الحزن . احقا انا فى احتياج ان يكتب اسمى فى دعوة من الدعاوى

وعندها تاملت صورتها التى تزين الحائط و هى صغيرة بالضفائر و الضحكة الطفولية البريئة ، و شردت بتفكيرها فى ذلك الحلم . الحلم الذى راودها و هى فتاة فى الثانوى ، لذلك الفارس الجميل الذى سياتى لينتشلها من دنيا الوحدة ليسكنها قصر الحب الذهبى ، ليغدق عليها بزهور الحب الحمراء و يحتضنها و كان احدا لم يفعل من قبل ، لتسكن فى طيات ثيابة و تتامل عبير عطرة و تتنفس من اثلاج انفاسة ، و تترك لة جسدها و حياتها و دنيانها ليتولى قيادة سفينة حياتهما و يغدق عليها باطياف العشق الجميل

و ها هى اليوم تقارب الثلاثين من العمر ، و حلمها بات سرابا فى صحراء جرداء ، خلت فيها الدنيا الا من رمال و تراب و جو حار خانق، صار كل شيئا مملا كئيا لا روح فية و لا حياة ، انشغل الناس بمشاكلهم و دنياهم ، و صارت هى وحيدة الا من صديقتها القلائل الاتى يملئن على حياتها ، و ها هو اليوم قد جاء، اليوم الذى كانت تخاف منة و تحاول ان تتناساة ، ها هى تمسك بدعوة زفاف صديقتها الوحيدة المتبقية ، و دعوة الزفاف هذة تعنى السفر و الرحيل ودنيا اخرى لصديقتها غير الدنيا التى تعايشا فيها معا فى كل شىء و تعنى دنيا جديدة اخرى لها تملائها الوحدة و الرتابة و الاحساس بالحزن الدفين .. جاء اليوم . و جاءت معة مخاوف من زمن مجهول سيقسو عليها ببراثنة ويصبغ حياتها بصبغة بلا لون غير لون الوحدة و الحزن العميق

و بنظرة اخيرة على الدعوة تاكدت مخاوفها فبعد اسبوع من الان ، ستجلس فى حجرتها وحيدة لا احد يعرفها و لا يسال عنها ، تناجى ايام عمرها الثقيل و تقطع اوراق النتيجة لتضيف يوما الى ايام حياتها، فلا يهم ان ادركها الثلاثين او الاربعين ولا يهم الان ان تفرق معها الابتسامة و الضحكة ، لا يهم اى شىء اصبح كل شىء فى ميزان واحد . ميزان العمر الذى يمتد بلا امل وبلا طعم ..
و حينها . وضعت الدعوة بجانب الدعوات الاخرى لصحباتها القدامى .و امسكت بورقة و قلم و شردت للحظة و اناملها الممسكة بالقلم ترتعش بقسوة و تمالكت نفسها و جعلت تكتب صيغة دعوة .دعوة زواج كدعوة صديقتها و فى مكان اسم العروسة كتبت اسمها .. و عندما جاء القلم الى خانة اسم العريس . تجمد الحبر و توقفت الانامل و زاغ البصر و سقطت الدمعة الحزينة مرة اخرى ..

و مع سقوط الدمعة ، سقط القلم من يديها و ارتطم بالارض فى عنف و كانة ارتطم بقلبها ،فصمتت و استكان جسدها و كانه استسلم لواقع مرير .و استجمعت كل قواها الجسدية وتناولت فى ضعف الورقة و قراتها فى تانى و بطء و هى تشعر بمرارة فى حلقها امتدت لتتملك على قلبها فتحول الى قطعة حجر اصم ، و عندها . و مع سقوط اخر دمعة من عينيها مسكت باطراف الدعوة التى كتبتها و قطعتها الى قطع صغيرة و كانها تقطع جدران قلبها و رمتها فى سلة القمامة و اعتدلت فى جسلتها و نظرت نظرة اخيرة الى الصورة المعلقة على الحائط لتلك الطفلة الصغيرة الحالمة و استرخت فى السرير و شدت الغطاء وهى شاردة الزهن خائرة القوى دامعة العينين

ثم اغمضت عينيها و قد قررت .. ان تنام .. نوما عميقا جدا..و هى تعرف بل و تتاكد انها حين تنام سياتيها ذلك الحلم الجميل ، الحلم الذى حلمت به هذة الطفلة الصغيرة فى الصورة ،و استكانت و استسلمت للواقع و الحقيقة بان حلمها سيبقى دائما و ابدا مجرد حلم .. و تقبلت الفكرة . و افرغت عقلها من كل حوادث اليوم
لتتفرغ لحلمها الجميل المتكرر حين ياتى
و ترى و تعيش مع فارسها الجميل
فارس الفتاة الصغيرة
__________________